ضعف التبويض أو عدم كفاءة وجودة البويضات هي أحد الأسباب الرئيسية لتأخر الإنجاب ويعتبر هذا التشخيص جزءا أساسيا من متطلبات العلاج. ويساعد الفهم العميق لآلية حدوث التبويض على التنبؤ بالمشكلة وطريقة حلها، وبسؤال د. إيمان عمران – طبيبة أمراض النساء والتوليد – عن هذه الآلية والهرمونات المؤثرة عليها أجابت أنه من المعلوم أن إنتظام المحور الهرموني الذي يبدأ من المراكز العليا بالمخ و الغدة النخامية بالغدة الدرقية و إنتهاء بالمبايض هو الجزء الأساسي الذي يتحكم في التبويض لذلك يلجأ الطبيب المتخصص في علاج تأخر الإنجاب بفحص الهرمونات المسئولة و هي: هرمونات الغدة النخامية (F.S.H, L.H) والتي هي المسئولة عن إنتقاء البويضات الأولية من المبيض و نموها و إكتمال نضجها حتى الوصول إلى مرحلة التلقيح أو التخصيب بالحيوان المنوي للزوج كما تؤثر على أداء هذه الهرمونات أيضا إفراز هرمون الغدة الدرقية (الثيروكسين) و هرمون الحليب (البرولاكتين) الذي يفرز من الغدة النخامية. أيضا يؤثر إفراز هرمونات (الإستروجين و البروجستيرون) من المبيض بشكل مباشر على إفراز هرمونات الغدة النخامية هذه ولذلك يجب قياسها عند إجراء الفحص الأولي للمريضة. و يلجأ الأطباء المتخصصون لإستخدام الأدوية المحفزة للتبويض و الذي تختلف أشكالها حسب الوسيلة العلاجية و التي تبدأ من تنشيط التبويض مع تنظيم فترات الجماع إلى التلقيح الصناعي أو إجراء الحقن المجهري.
وتضيف د. إيمان عمران أنه في هذا الموضوع سوف نتناول أهم الأدوية و إستخداماتها و كذلك طرق العلاج المختلفة بها:
أولى هذه الأدوية و أكثرها شيوعا هو عقار الكلوميفين سيترات (ومن أشهر الأدوية التي تحتوي على هذا العقار الموجودة بالصيدليات هو الكلوميد) والذي ظهر في ستينات القرن الماضي ويستخدم لعلاج حالات تأخر الإنجاب المصاحبة بنقص هرمونات الغدة النخامية أو إحتياج المبيض إلى جرعة أكبر من هرمونات الغدة النخامية نتيجة التقدم في السن أو بسبب تكيسات المبايض أو عدم إنتظام الدورة. و تؤخذ حبوب الكلوميفين غالبا من ثاني أيام الدورة و في بعض الأحيان يرى الطبيب المعالج أنه يمكن بدؤها بعد ذلك حتى اليوم الخامس من الدورة و تؤخذ لمدة خمسة أيام. و يعتبر عقارا آمنا و يعالج نسبة كبيرة من حالات تأخر الإنجاب و تزيد مع إستخدامه نسبة حدوث التوائم.
و في منتصف الستينات من القرن الماضي ظهرت عقاقير أخرى تستخدم في تحفيز التبويض و شاع إستخدامها مع تقدم وسائل الإخصاب المساعد و هي ما تسمى بهرمونات التناسل و التي تحتوي على هرمونات الغدة النخامية بتركيزات مختلفة و تؤخذ عن طريق الحقن بالعضل أو تحت الجلد و يجب أن تؤخذ تحت إشراف طبي دقيق و متابعة جيدة للتبويض. و مع التقدم في علوم الهندسة الوراثية أمكن إكتشاف عقاقير بإستخدام تقنيات الهندسة الوراثية و يتم إستعمال هذه العقاقير بشكل كبير في عمليات أطفال الأنابيب و الحقن المجهري.
و تختلف البرامج العلاجية التي تستخدم في علاج تأخر الإنجاب حسب عوامل مختلفة أهمها الطريقة المستخدمة (تنشيط التبويض – التلقيح صناعي – الحقن مجهري) ، سن الزوجة ، الوزن ، وجود تكيس بالمبايض ، أسباب أخرى للعقم غير ضعف التبويض مثل ضعف أو غياب الحيوانات المنوية للزوج أو إنسداد قنوات فالوب.
و تبدأ خطوات البرامج العلاجية للتخصيب المجهري بعد عمل الفحوصات و تشخيص السبب بما يسمى تحريض أو تنشيط المبايض و تنقسم إلى أكثر من برنامج:
البرنامج الأول هو البرنامج الطويل للتنشيط ويستخدم غالباً للمريضات من صغار السن وأثبتت الفحوصات أن مستوى هرمونات الغدة النخامية طبيعي حيث يتم إعطاء بعض العقاقير على شكل حقن و تسمى مضادات هرمون الغدة النخامية و تبدأ قبل بدء الدورة الشهرية 7-10 أيام بإستمرار و مع بدء الدورة الشهرية يتم إعطاء الحقن المحفزة للتبويض لضمان إفراز عدد أكبر من البويضات الناضجة و يلزم ذلك متابعة التبويض بالموجات فوق الصوتية و فحص هرمون الإستراديول لضمان جودتها.
أما البرامج الأخرى فهي البرنامج القصير للتنشيط والذي يستخدم للسيدات كبار السن أو الزائدي الوزن أو اللاتي خضن أكثر من محاولة سابقة و كانت إستجابة المبايض ضعيفة ، حيث يبدأ التحريض من أول أيام الدورة و بإستمرار حتى مرحلة إرتشاف البويضات و يقوم الطبيب المعالج بعمل نماذج مختلفة من هذه البرامج العلاجية حسب وجود بعض الأمراض الأخرى مثل تكيس المبايض والتي يمكن معه إستخدام برنامج الهرمون المثبط لعمل هرمونات الغدة الدرقية.
وبالنسبة لتكيس المبايض فإن هؤلاء السيدات و نتيجة لبعض الإضطراب في الهرمونات هن معرضات لما يسمى بمتلازمة فرط التنشيط حيث يحدث إستجابة مفرطة مع خروج عدد كبير من البويضات مما يؤدي إلى تضخم المبايض و حدوث تجمع سوائل داخل البطن فيجب الإنتباه جيدا حيث يقوم الطبيب المعالج أملا بالعلاج الطبي لمدة تتراوح بين 2-3 شهور ببعض الأدوية التي تؤدي إلى تقليل مستوى هرمون LH، وهرمون الذكورة و أيضا منظمات الأنسولين مثل المتيفورمين و يبدأ التحريض بإستعمال جرعات صغيرة من العقاقير و المتابعة الجيدة لهرمون الإستروجين. كما يمكن التحريض بالحقن و خاصة العقاقير المحتوية فقط على هرمون FSH المعالج وراثيا.
أما بطانة الرحم المهاجرة فتكمن المشكلة في ظهور ما يسمى بالأكياس الدموية و هي أكياس على المبيض يحدث فيها تجمع للدم مع الدورة الشهرية و تؤثر على كفاءة التبويض و إنتاج البويضات و لذا يتم تثبيط هذه الأكياس أولا و ذلك بإستخدام العقاقير التي تقلل نشاط الغدة النخامية لمدة تتراوح بين 3-6 شهور قبل بدء البرنامج العلاجي للحقن المجهري.
وأخيراً تقول د. إيمان عمران أنه لم تثبت الدراسات الإكلينيكية على مدى السنوات الطويلة وجود آثار بعيدة المدى لهذه العقاقير أو علاقة بسرطان المبايض أو غيره و لكن يجب أن تؤخذ العقاقير ضمن منظومة علاجية و تحت إشراف طبي دقيق في المراكز المتخصصة لعلاج العقم و تأخر الإنجاب.
©2023. جميع الحقوق محفوظة لدي عيادات إكثار الطبية
تواصل معنا